فصل: جواز التصدق بكل المال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.صدقة التطوع:

دعا الإسلام إلى البذل، وحض عليه في أسلوب يستهوي الافئدة، ويبعث في النفس الاريحية، ويثير فيها معاني الخير والبر، والاحسان.
1- قال الله تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}.
2- وقال: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم}.
3- وقال {وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير}.
1- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدقة تطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء» رواه الترمذي، وحسنه.
2- وروى كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء ويذهب الله بها الكبر والفخر».
3- وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الاخر: الله أعط ممسكا تلفا» رواه مسلم.
4- وقال صلى الله عليه وسلم «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة حفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الاخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الاخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف» رواه الطبراني في الاوسط، وسكت عليه المنذري.

.أنواع الصدقات:

وليست الصدقة قاصرة على نوع معين من أعمال البر بل القاعدة العامة، أن كل معروف صدقة.
وإليك بعض ما جاء في ذلك:
1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على كل مسلم صدقة» فقالوا: يا نبي الله فمن لم يجد؟ قال: «يعمل بيده فينفع نفسه، ويتصدق». قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف قالوا: فإن لم جيد؟ قال: فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر، فإنها له صدقة» رواه البخاري، وغيره.
2- وقال صلى الله عليه وسلم: «كل نفس كتب عليها الصدقة كل يوم طلعت فيه الشمس، فمن ذلك أن يعدل بين الاثنين صدقة، وأن يعين الرجل على دابته فيحمله عليها صدقة، ويرفع متاعه عليها صدقة، ويميط الذى عن الطريق صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يمشي إلى الصلاة صدقة» رواه أحمد وغيره.
3- وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه». قلت: يا رسول الله من أين أتصدق، وليس لنا أموال؟ قال: «لأن من أبواب الصدقة: التكبير، وسبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، وأستغفر الله، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزل الشوك عن طريق الناس، والعظم، والحجر، وتهدي الاعمى وتسمع الاصم والبكم، حتى يفقه، المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة، منك على نفسك، ولك في جماع زوجتك أجر» الحديث، رواه أحمد واللفظ له، ومعناه أيضا في مسلم.
وعند مسلم قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر».
4- وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس من نفس ابن آدم عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس». قيل: يا رسول الله من أين لنا صدقة نتصدق بها كل يوم؟ فقال: «إن أبواب الخير لكثيرة التسبيح والتحميد، والتكبير، والتهليل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتميط الاذى عن الطريق، وتسمع الاصم، وتهدي الاعمى، وتدل المستدل على حاجاته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف فهذا كله صدقة منك على نفسك» رواه ابن حبان في صحيحه، والبيهقي مختصرا وزاد في رواية: «وتبسمك في وجه أخيك صدقة وإماطتك الحجر، والشوكة والعظم عن طريق الناس صدقة، وهديك الرجل في أرض الضالة صدقة».
5- وقال: «من استطاع منكم أن يتقي النار فليتصدق ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة» رواه أحمد، ومسلم.
6- وقال: «إن الله عزوجل، يقول يوم القيامة: يا ابن آدم: مرضت فلم تعدني، قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت، أن عبدى فلانا مرض فلم تعده؟ أما لوعدته لوجدتني عنده. يا ابن آدم: استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي. يا ابن آدم: استسقيتك فلم تسقني. قال: يا رب كيف أسقيك وانت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي» رواه مسلم.
7- وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة» رواه البخاري.
8- وقال عليه الصلاة والسلام: «كل معروف صدقة، ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق، وان تفرغ من دلوك في إنائه» رواه أحمد والترمذي وصححه.

.أولى الناس بالصدقة:

أولى الناس بالصدقة أولاد المتصدق وأهله وأقاربه. ولا يجوز التصدق على أجنبي وهو محتاج إلى ما يتصدق به لنفقته ونفقة عياله.
1- فعن جابر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان احدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، وإن كان فضل فعلى عياله، وإن كان فضل فعلى ذوي قرابته، أو قال: ذوي رحمه، وان كان فضل فهاهنا وهاهنا» رواه أحمد ومسلم.
2- وقال صلى الله عليه وسلم: «تصدقوا: قال رجل: عندي دينار قال تصدق به على نفسك. قال: عندي دينار آخر. قال: تصدق به على زوجتك. قال: عندي دينار آخر. قال: تصدق به على ولدك. قال: عندي دينار آخر. قال: تصدق به على خادمتك. قال: عندي دينار آخر. قال: أنت به أبصر». رواه أبو داود والنسائي والحاكم، وصححه.
3- وقال عليه الصلاة والسلام: «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» رواه مسلم وابو داود.
4- وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح.» رواه الطبراني، والحاكم وصححه.
إبطال الصدقة: لقول الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم» قال أبو ذر رضى الله عنه: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: «المسبل والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب».

.التصدق بالحرام:

لا يقبل الله الصدقة، إذا كانت من حرام.
1- قال رسول الله صلى عليه وسلم: «أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال عز وجل، {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} وقال {يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له» رواه مسلم.
2- وقال صلى الله عليه وسلم: «من تصدق بعدل تمرة، من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - فإن الله تعالى يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل» رواه البخاري.
صدقة المرأة من مال زوجها: يجوز للمرأة تتصدق من بيت زوجها، إذا علمت رصاه، ويحرم عليها إذا لم تعلم.
فعن عائشة قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها - غير مفسدة - كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم أجر بعض شيئا» رواه البخاري.
وعن أبي أمامة قال: سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول - في خطبة عام حجة الوداع - «لا تنفق المرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟ قال: ذلك أفضل أموالنا» رواه الترمذي، وحسنه.
ويستثنى من ذلك النزر اليسير، الذي جرى به العرف فإنه يجوز لها أن تتصدق به، دون أن تستأذنه.
فعن أسماء بنت أبي بكر أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن الزبير رجل شديد، ويأتيني المسكين فأتصدق عليه من بيته، بغير إذنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارضخي ولا توعي فيوعي الله عليك». رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.

.جواز التصدق بكل المال:

يجوز للقوي المكتسب أن يتصدق بجميع ماله.
قال عمر: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لاهلك؟ فقلت: مثله. وأتى أبو بكر بكل ماله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لاهلك؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله. فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا» رواه أبو داود، والترمذي، وصححه.
وقد اشترط العلماء لجواز التصدق بجميع المال أن يكون المتصدق قويا مكتسبا صابرا غير مدين، ليس عنده من يجب الانفاق عليه، فإذا لم تتوفر هذه الشروط، فإنه حينئذ يكره فعن جابر رضي الله عنه قال: «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب، فقال يا رسول الله: أصبت هذه من معدن فخذها، فهي صدقة، ما أملك غيرها، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه من قبل ركنه الايمن فقال مثل ذلك، فأعرض عنه، ثم أتاه من قبل ركنه الايسر فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه من خلفه، فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحذفه بها، فلو أصابته لاوجعته، أو عقرته الناس، إنما الصدقة عن ظهر غنى» رواه أبو داود، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وفيه محمد بن إسحق.

.جواز الصدقة على الذمي والحربي:

تجوز الصدقة على الذمي والحربي ويثاب المسلم على ذلك، وقد أثنى الله على قوم فقال: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} والاسير حربي.
وقال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}.
وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة، فقلت: يا رسول الله، إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها؟ قال: «نعم، صلي أمك».

.الصدقة على الحيوان:

1- روى البخاري ومسلم: أن رسول الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئرا فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل البئر، فملا خفه ماء. ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له» قالوا: يا رسول الله، إن لنا في البهائم أجرا؟ فقال: «في كل كبد رطبة أجر».
2- ورويا: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني اسرائيل فنزعت موقها، فاستقت له به، فسقته فغفر لها به».

.الصدقة الجارية:

روى أحمد ومسلم أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».

.شكر المعروف:

1- روى أبو داود والنسائي بسند صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه ومن استجار بالله فأجيروه، ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا، فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه».
2- وروى أحمد عن الاشعث بن قيس - بسند رواته ثقات -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس».
3- وروى الترمذي - وحسنه - عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صنع معه معروف، فقال لفاعله: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء».

.الصيام:

الصيام، يطلق على الإمساك.
قال الله تعالى: {إني نذرت للرحمن صوما} أي إمساكا عن الكلام.
والمقصود به هنا، الإمساك عن المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، مع النية فضله:
1- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله عزوجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يجهل، فإن شاتمه أحد، أو قاتله، فليقل: إني صائم، مرتين، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم، أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» رواه أحمد، ومسلم، والنسائي.
2- ورواية البخاري، وأبى داود: «الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائما، فلا يرفث، ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله، أو شاتمه فليقل، إني صائم، مرتين، والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي، وأنا أجزي به، والحسنة بعشرة أمثالها».

3- وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات، بالنهار، فشفعني به، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه فيشفعان» رواه أحمد بسند صحيح.
4- وعن أبي أمامة قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: مرني بعمل يدخلني الجنة، قال: «عليك بالصوم فإنه لا عدل له» ثم أتيته الثانية، فقال: «عليك بالصيام». رواه أحمد، والنسائي، والحاكم، وصححة.
5- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يصوم عبد يوما في سبيل الله الا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه، سبعين خريفا» رواه الجماعة، إلا أبا داود.
6- وعن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للجنة بابا، يقال له: الريان، يقال يوم القيامة: أين الصائمون؟ فإذا دخل آخرهم أغلق ذلك الباب» رواه البخاري ومسلم.